مفهوم العنف

نصوص فلسفية


vالنص رقم 1:
من وجهة نظري يبدو أنه توجد سلسلة من الحالات الواعية متصلة بعضها مع بعض، بمقدرتي في أي لحظة أن أتذكر تجارب واعية حدثت في الماضي... إن هذا هو العنصر الجوهري في الهوية الشخصية.
  السبب الذي يستلزم هذا المعيار بالإضافة إلى الهوية الجسدية هو أنه من السهل لي أن أتصور حالات فيها أجد نفسي في جسد آخر عندما أستيقظ من النوم، و لكن من وجهة نظري سأكون متأكدا أنني الشخص نفسه. أنا أحتفظ بتجارب كجزء من السلسلة، فهي تشتمل على تجارب الذاكرة لحالاتي الماضية الواعية.
   ادعى "لــوك" أن هذه هي الصفة الجوهرية في الهوية الشخصية، و سماها الوعي. و لكن التأويل المتعارف عليه الذي كان يقصد هو الذاكرة... و أظن أن هذا ما كان يعنيه "لــوك" عندما قال إن الوعي يؤدي وظيفة جوهرية في تصورنا للهوية الشخصية. و لكن بغض النظر عما إذا كان "لــوك" يقصد هذا المعنى، فإن استمرارية الذاكرة هي على الأقل جزء مهم من تصورنا للهوية الشخصية".

vالنص رقم 2
      الإنسان ، بالنسبة للبعض ، خاضع للعديد من إشراطات الطفولة ، فهو ليس إلا المتحدث باسم الدوافع التي تخترقه ، إنه ضحية لتحديدات ( حتميات ) لاشعورية ، فكلام الإنسان هو بالضبط كلام مهموس به أو بعبارة أخرى كلام مهموس له به من طرف "الهو" الذي يعبر عن ذاته في الإنسان عندما يحاول الإنسان أن يعبر عن ذاته .
    وبالنسبة لآخرين فإن البنية الاجتماعية هي دوما المحددة في المطاف الأخير  .....    

     إن الإنسان و قد دُفع في عالم لم ينتجه و لم يختره ، سجين لوضعيته التي تشكل مادة اختياراته ، و قد أغرقته أمواج الإشراطات التي تلحقه ، إن هذا الإنسان يختفي . ماذا سيتبقى من الذات و قد   امتصها عالم مناهض يغلفها و يحتويها كليا ؟ ( . . . ) إذا نظرنا إلى هذه المسألة عن قرب ، فيبدو أنها أكثر تعقدا مما يتبادر لنا لأول وهلة . فإذا كان الكائن الإنساني ، و قد أذيب في العالم يجرب عجزه و لا فعاليته بالنسبة للنظريات العلمية التي لا تدركه إلا انطلاقا من طرائق موضوعية ، فإنه مع ذلك يجرب ذاتيته ، بعبارة أخرى فإن الكائن الإنساني ، و هو موقن مع التفسير العلمي (لسلوكاته) بأنه لا يفعل إلا ما يفعل فيه ، و من أنه لا يعبر إلا عن مجمل الشروط التي يتلقى ، فإنه مع ذلك يقنع ذاته بأن له شيئا يفعله ، شيئا يبقى عليه أن يفعله

vالنص رقم 3

    لا يمكن تفسير تصرف فرد من الأفراد دون أن ندخل في الاعتبار الوسط الاجتماعي الذي يمارس عليه تأثيرا يحدد تصرفه ويدعو للانخراط فيه .ففي المجال الاجتماعي توجد بالفعل جملة من المثيرات والموانع والنماذج التي تحدد نشاط الفرد و تصرفاته وتسهم في تنشئة شخصيته وتمكنها من ترسيخ قدمها في الواقع.
   وبما أن مفهوم الثقافة يعبر عن مجموعة من من المعايير والقيم والسلوكات النمطية التي تعكس أسلوب حياة الجماعة فإنه يشكل أداة ممتازة لتحليل التنشئة الاجتماعية لشخصية الفرد ،فلفظ الثقافة يدل على ما يجد أساسا له في البنيات الاجتماعية ويتدخل مباشرة في بناء سلوكات أفراد المجتمع ،وعلى هذا الأساس يتجلى المكون الثقافي بوصفه مكونا اجتماعيا متجسدا في تصرفات الأفراد.

   يدفعنا ذلك إلى القول إذن إن الشخصية ترتبط بعلاقات تبعية تامة مع الثقافة.

vالنص رقم4

  مثــلما أدرك الإنسان نفسه مباشرة بواسطة الكوجيتو، فانه اكتشف أيضا الآخرين جميعا، و يكتشفهم بصفتهم شــــرط وجوده. ولقد تفطــــن – الإنسان ــ أنه لا يمكن أن يوجـــــد البتة (بالمعنى الذي نقوله أننا روحانيون أو إننا أشـــرار أو إننا غيورون)، شرط أن يعترف الناس به كما هو. و لكي أحصل على وجه من وجوه حقيقة ما عني (أنا)، ينبغي أن أمر عبر الآخر. إن الآخر ضروري لوجودي، وهو ضروري بنفس القدر أيضا عن المعرفة التي لدي عني (أنا ). وضمن هذه الشروط، فان اكتشاف ما هو حميم في ، سيكشفني في الوقت نفسه للآخـر بصفته حرية ماثلة أمامي، فالآخر لا يفكر ولا يريد إلا من أجلي أنـــــــــا أو ضدي؛ و هكذا فإننا نكتشف في الحال عالما سنسميه البينذاتية، ويقرر الإنسان في هذا العالم ما يكون، وما يكون الآخرون.

النص رقم 5


كيف لا أحس (…) بأن هده الحميمية مع ذاتي التي تحميني وتحددني ، هي عائق نهائي أمام كل تواصل مع الغير ؟ فقبل قليل ، كنت بالكاد موجودا وسط الآخرين . والآن ، اكتشفت فرحة الإحساس بأنني احيا ، الا انني وحيد في  الانتشاء بفرحي . إن روحي ملك لي فعلا ، غير انني سجين داخلها ، ولا يمكن للآخرين اختراق وعيي ، مثلما لا يمكنني فتح أبوابه لهم ، حتى ولو تمنيت ذلك بكل صدق (…) إن نجاحي الظاهري يخفي هزيمة شاملة : فالتجربة الذاتية وحدها هي الوجود الحقيقي ، وهي تجربة تظل غير قابلة ، اعتبارا لجوهرها ، لتكون موضوع نقل أو إخبار . فأنا اعيش وحيدا محطا بسور ؛ وأشعر بالعزلة اكثر من شعوري بالوحدة ، وعالمي السري سجن منيع . وأكتشف ،في نفس الوقت ، ان أبواب عالم الآخرين موصدة في وجهي وعالمهم منغلق بقدر انغلاق عالمي امامهم . إن ألم الغير يكشف لي بمرارة انفصالنا الجدري عن بعضنا البعد ، انفصالا لا يقبل بتاتا الاختزال .فعندما يتألم صديقي ، يمكنني ،بكل تأكيد ، مساعدته بفعالية ،ومواساته بكلامي ، ومحاولة تعويض الألم الذي يمزقه بلطف .غير أن عالمه يبقى رغم ذلك ، ألما برانيا بالنسبة لذاتي . فتجربة الألم تظل تجربته الشخصية هو وليست تجربتي أنا . إني أتعذب بقدر ما يتعذب وربما أكتر منه ، لكن دائما بشكل مغاير تماما عنه . فأنا لا اكون ابدا “معه” بشكل كلي (…)  هكذا هو الإنسان ، سجين في آلامه ، ومنعزل في لداته ووحيد في موته (…)  محكوم عليه بأن يشبع أبدا رغبته في التواصل ،والتي لن يتخلى عنها ابدا .  


v النص رقم 6:

من الواضح أن النزعة الاختبارية تجعل الجانب التجريبي الاستقرائي عيار الصدق الوحيد لكل معرفتنا العلمية، والشرط الضروري لبناء النظرية العلمية. تلتزم هذه النزعة منذ البداية بنقطة انطلاق معينة هي الخبرة الحسية التي تصبح مجموعة المعطيات الحسية فيها معبرة عن الجسم الطبيعي، وبالتالي تصبح النظرية معبرة عن تعريفات مشتقة من الخبرة. إن وجهة النظر التي عبر عنها ( كارناب) التي تصلنا عن طريق الحواس (...) ولا ينبغي لنا أن نتحدث عما وراء المعطيات الحسية مما لا تستطيع أدوات الحس أن تدركه.
لا شك أن اعتماد الخبرة الحسية كمصدر للنظرية يعد بمثابة الإطار التجريبي الأول، لكن هذا الرأي لا يستند إلى تحليل دقيق لنظريات العلم لأنه يغفل دور العقل الخلاق في البناء النظري للعلم ككل. فما نلاحظه أن النظريات الفيزيائية المتطورة مثل النظرية الذرية تتحدث عن أشياء، هي من حيث المبدأ، ليست موضوعا للإدراك الحسي المباشر، لأن الخبرة لا تزودنا بمعطيات حسية مباشرة عن الذرات. فإذا قبلنا رأي ( كارناب ) فمعنى هذا أن علينا أن نستبعد عددا من النظريات العلمية الهامة التي كشفت نتائجها عن تطبيقات عملية ناجحة في الواقع الخارجي.


إن النظريات العلمية المتطورة تفهم التركيب النظري للعلم على نحو مخالف لما تصوره ( كارناب )، فهي تقيم موازنة دقيقة بين ما يأتي عن طريق الخبرة بالاستقراء المستند للملاحظة والتجربة وما يأتي عن طريق العقل بإبداعه وطاقاته الخلاقة في تجاوز ما هو حسي إلى ما ورائه.                                             

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مفهوما الحق والعدالة

مفهوم العنف