مفهوم الواجب

مفهوم الواجب

تقديم إشكالي

يعد الواجب هو الأمر الملزم لكل الناس ،فمادام الإنسان كائن أخلاقي  فإنه سلوكاته تتأسس على الواجب بما هو إلزام وإكراه يقتضي من الفرد  الخضوع له والامتثال لقواعد ومعايير ذات بعد قيمي أخلاقي وقيمي تتجاوز نزوات وأهواء وشهوات الفرد الغريزية ، فهل الواجب فعل حر يقوم به الفرد بحرية أم إكراه اجتماعي يخضع له الفرد بدافع  الرغبة والمصلحة ؟ ما علاقة الوعي بالواجب الأخلاقي؟ وما طبيعة الضمير الأخلاقي ؟ ما علاقته بالفرد والمجتمع والتاريخ؟ من أين يستمد الواجب سلطته ؟ هل يستمدها من ضمير الفرد أم من ضمير المجتمع ؟

المحور  الأول :الواجب والإكراه

إشكال المحور:

يفترض في الفعل الأخلاقي أن يكون حرا ،لكن الفعل الأخلاقي الذي يتأسس على الواجب نجده يقوم على الإلزام والإكراه  ،فهل الواجب  فعل نابع من الإرادة الحرة للفرد أم  تحكمه الضرورة والإكراه؟

موقف "إيمانويل كانط ". الواجب إلزام وإكراه  يمارسه العقل على الإرادة  

  شكل مفهوم الواجب مكانة محورية داخل الفلسفة الكانطية ،إذ لا يمكن أن نتناول فلسفة كانط دون استحضار مفهوم الواجب باعتباره أساس وصلب فلسفة الأخلاق بوجه عام وفلسفة كانط على وجه التحديد ،وفي حديثه عن الواجب يميز كانط بين نوعين من الأوامر الأخلاقية وهما :الأوامر الأخلاقية القطعية أو المطلقة والأوامر الأخلاقية الشرطية وإذا كانت هذه الأخيرة تشير إلى الأوامر المشروطة بمصلحة أو غاية أو ميول كأن يقوم شخص مثلا بواجب ولكن ليس احتراما للواجب الأخلاقي في حد ذاته ،وإنما بدافع المصلحة أو طمعا في الثواب أوالخضوع لسلطة معينة ،أما الأوامر اخلاقية القطعية /المطلقة  فهي الأوامر غير المشروطة بأي دافع أو غاية أو مصلحة ،بل يكون القيام بها احتراما للواجب الأخلاقي لا غير، ومنبع ومصدر هذا الواجب هو العقل  الذي يلزم ويكره الإرادة على الخضوع  للواجب فهو يمارس إكراها عليها ومع ذلك فإن الإرادة تكون حرة باعتبارها لا تخضع إلا لسلطة العقل

موقف "دوركهايم "

    إذا كان الواجب من  منظور "كانط " أمر أخلاقي قطعي غير مشروط بمصلحة أو منفعة ، بل قائم على الإلزام باعتباره استجابة  لنداء العقل ، فإن السوسيولوجي الفرنسي "دوركهايم " يؤكد على أن الواجب  لا يقوم على الإلزام فقط وإنما يقترن بصفة أخرى وهي المرغوبية  والتي تعني أن قيامنا للواجب مرتبط بميولاتنا ورغباتنا وبما قد يترتب عن قيامنا بهذا الواجب من نتائج ، ومن تم يتضح على أن الواجب لا يتأسس على الإلزام والإكراه كما ذهب إلى ذلك كانط ولكنه يقترن بصفة المرغوبية أيضا ،بحيث لا نقوم بالواجب لأننا ملزمون به فقط ولكن باعتباره محط رغبة أيضا .